وقعت جريمة يوم الجمعة 25 أبريل 2025 في مسجد خديجة بمدينة لا غراند-كومب (إقليم غار)، والتي راح ضحيتها الشاب أبوبكر سيسي، البالغ من العمر 22 عامًا، إثر تعرضه لاعتداء وحشي أثناء أدائه للصلاة.
وفقًا للتحقيقات، أقدم الجاني أوليفييه أ.، البالغ من العمر 21 عامًا والمنحدر من مدينة ليون، على طعن الضحية أكثر من أربعين مرة، موثقًا جريمته بالفيديو، مع توجيه عبارات معادية للمسلمين. وتشير المعلومات الأولية إلى أن المشتبه به كان يحمل أفكارًا متطرفة قائمة على كراهية المسلمين، وأعرب في منشوراته الإلكترونية عن رغبته في ارتكاب مزيد من الجرائم بدافع “التطهير الديني”، مما يسلط الضوء على دوافعه الخطيرة ذات الطابع العنصري.
بعد ثلاثة أيام من الملاحقة، سلّم المشتبه به نفسه طوعًا للشرطة الإيطالية في مدينة بيستويا قرب فلورنسا، حيث تم توقيفه رسميًا بناءً على مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن السلطات القضائية الفرنسية. وتجري حاليًا الإجراءات القانونية اللازمة لترحيله إلى فرنسا للمثول أمام القضاء.
وقد أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن صدمته العميقة، مؤكدًا أن “الاعتداء على أي مواطن بسبب دينه أو معتقده يمثل خرقًا خطيرًا للقيم الجمهورية”. كما وصف رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الحادثة بأنها “عمل إرهابي داخلي لا يمكن التساهل معه”، مشددًا على تعزيز حماية دور العبادة وتكثيف الجهود لمكافحة جميع أشكال التطرف والعنصرية.
وفي بيان منفصل، وصف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الجريمة بأنها “هجوم إرهابي معادٍ للمسلمين”، وطالب بإعادة تصنيف القضية ضمن قضايا الإرهاب، منتقدًا بطء استجابة السلطات القضائية في فتح تحقيق إرهابي رسمي.
ردود الفعل لم تقتصر على الداخل الفرنسي، إذ أدانت عدة منظمات دولية، منها منظمة التعاون الإسلامي ومنظمات حقوق الإنسان الأوروبية، هذه الجريمة، معتبرة إياها “نتاج تصاعد خطير لموجات الإسلاموفوبيا” في أوروبا.
وشهدت عدة مدن فرنسية، بما في ذلك لا غراند-كومب وباريس ومارسيليا، مظاهرات ومسيرات سلمية حاشدة للتنديد بالكراهية والعنصرية ولدعم الضحية وأسرته، حيث شارك فيها مواطنون من مختلف الأديان والثقافات.
تؤكد الحكومة الفرنسية التزامها الراسخ بضمان أمن جميع المواطنين بدون تمييز، وحماية أماكن العبادة من أي تهديدات، كما تعهدت بمراجعة السياسات الأمنية المعنية بالتصدي لجرائم الكراهية الدينية.
وتدعو الحكومة جميع المواطنين إلى التمسك بقيم الجمهورية القائمة على الحرية والمساواة والأخوة، والعمل المشترك لمحاربة جميع أشكال التطرف والتحريض على الكراهية.