أصدرت أعلى هيئة قضائية إدارية في هولندا قرارًا يمنع السلطات الهولندية من إعادة الرجال العزّاب طالبي اللجوء إلى بلجيكا بموجب اتفاقية دبلن، معتبرة أن المملكة البلجيكية لم تعد توفر ظروف استقبال كافية أو ضمانات قانونية لهؤلاء الأشخاص، ما يشكّل إخلالًا ممنهجًا بحقوقهم.
ويأتي هذا القرار استنادًا إلى ما وصفته المحكمة بـ”القصور الهيكلي” في استقبال هذه الفئة داخل مراكز الإيواء البلجيكية، خاصة بعد أن تجاهلت السلطات البلجيكية تنفيذ عدة أحكام قضائية تُلزمها بتوفير الإيواء لطالبي اللجوء المنفردين، في خضم أزمة مزمنة تعيشها شبكة الاستقبال منذ سنوات.
وكانت المحكمة الهولندية قد سمحت في مارس 2024 بإعادة بعض طالبي اللجوء إلى بلجيكا، شريطة أن تلتزم الأخيرة بتحسين بنيتها الاستقبالية، غير أن الوضع لم يشهد تقدمًا يُذكر، مما دفع الهيئة القضائية إلى مراجعة موقفها ووقف عمليات النقل عبر نظام دبلن بشكل كامل بالنسبة للرجال العزّاب.
وتبرر السلطات البلجيكية هذا القصور بكونه نتيجة تراكمات واختناق هيكلي داخل شبكة الاستقبال، لا سيما في ظل الأولوية التي تُمنح للفئات الهشة كالعائلات والنساء والقاصرين غير المصحوبين. وقد صرّحت الوزيرة الفيدرالية المكلفة باللجوء، أن بلجيكا ليست دولة “تتنصل من مسؤولياتها”، بل تواجه ضغطًا غير مسبوق فاق طاقتها الاستيعابية.
في الوقت الراهن، تشير بيانات الوكالة الفيدرالية Fedasil إلى وجود نحو 1,800 رجل عازب على قوائم الانتظار للحصول على مكان في مراكز الاستقبال، وهو انخفاض طفيف مقارنةً بذروة الأزمة التي بلغت حوالي 4,000 شخص في صيف 2024. ورغم أن القدرة الإجمالية لشبكة الاستقبال تصل إلى نحو 35,000 مكان، إلا أنها تظل غير كافية لتغطية الاحتياجات المتزايدة.
يأتي هذا القرار ليزيد من الضغوط الأوروبية على بلجيكا بخصوص احترامها لالتزاماتها ضمن نظام دبلن، ويعيد تسليط الضوء على أوجه الخلل العميقة في سياسات اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي، لا سيما في ما يتعلق بتوزيع المسؤوليات بين الدول الأعضاء واستقبال الفئات الأكثر عرضة للتهميش.